top of page

Interviews 

     اللغة والواقع والرواية

          د. سماح إدريس:

 "خلف الأبواب المقفلة محاولة للتعرّف إلى العالم    الداخلي للفتيان والفتيات

 

رواية "خلف الأبواب المقفلة" بقلم الدكتور سماح إدريس الصادرة عن دار الآداب جاءت في المرتبة الأولى في إطار مبيعات الروايات العربية في إطار معرض الكتاب الدولي في بيروت الذي أقيم في أواخر العام الماضي. الحديث في البداية سيكون عنها مع مؤلفها.  

 

دكتور سماح إدريس، عندما نويت كتابة هذه الرواية، من كان في ذهنك أكثر: الأهل أم الأبناء؟

الرواية موجّهة إلى الفتيان والفتيات في الأساس. لكنْ، ومع مرور الوقت، اكتشفتُ أنه لا يمْكن أن تُحصر فيهم وحدهم، بل يمكن أن يقرأها أشخاصٌ من أعمار مختلفة، والأهلُ في الدرجة الأولى، لأنّ غالبيتهم لا يعرفون ماذا يحصل خلف أبواب أبنائهم المقفلة. الرواية، في المحصّلة، هي محاولة لفتح الأبواب أمام غير طرفٍ ليتمكّن من التعرّف إلى العالم الداخلي للفتيان والفتيات.

 

مغامرة كتابية تجريبية

كيف توغلت في عالم الفتيان والفتيات؟ كيف استطعت جمع كل تلك المصطلحات التي وردتْ في الكتابة ويجهلها ـ مبدئيًّا ـ الجيلُ الأكبر سنًّا؟

لقد تعرّفتُ إلى عشرات الفتيان والفتيات خلال هذه المغامرة الكتابية (كنت أتعرّف إلى بعضهم، فيحيلونني على آخرين). وأزعم أنّني استطعت الوصول إلى جوانب لا بأس بها من حياتهم الموسيقيّة ومن مجالات التسلية ومعاناة الدراسة. أما التكهّن في هذه الأمور فلن يفيد الكاتب قطّ!

 

وما هو الذي كنتَ تجهله واكتشفتَه؟

اكتشفتُ مثلًا أنّ الفتيات والفتيان الذين يضعون "بوستًا" لكاتبٍ معيّن (واسيني الأعرج، شكسبير،...) لم يقرأوا الكتاب الذي اقتبسوا منه هذا البوست على الأرجح، بل وجدوه مقتضبًا ويعبّر عن حالتهم، فنشروه على صفحاتهم. هكذا وببساطة.

لكن عليّ أن أذكّر بأنّ معظم أحداث الرواية مختلقة. نعم، لقد استندتُ فعلّا إلى بعض العبارات والأحداث الواقعية، ولكني في نهاية المطاف كنتُ أركّبُ عمارةً غير "حقيقية" أو "واقعيّة". ومن ثم فإنّ نجاح هذه الرواية، إنْ حصل، لا بد أن يعود، في قسم منه، إلى إيهامها بالواقع؛ أما إنْ شعرَ القارئ بأنّها مجرد "تفنيصة" وتركيبة، فإنها لن تنال إعجابه ولن تكون ــ من ثم ــ ناجحة. ولحسن الحظّ أنّ ردّات فعل كثير من القرّاء ركّزتْ على أنهم "سبق أن عاشوا تلك الأحداث" أو أنهم "يعيشونها حاليًّا".

كسر الصورة النمطية للشخصيات

كنت في المعرض في جناح دار "الآداب"، وبالطبع كان هناك تواصل مع الشباب. ربّما رأيتهم بعد أن اشتروا الرواية أو بعدمأن  قرأوها، لأنها سلسة فعلًا وتُقرأ ببساطة شديدة. ما هي أهم ردود الفعل خصوصًا من الشباب؟

أهمّ ردود الفعل، بالإضافة إلى ما ذكرتُه للتوّ، هو تمنّي بعض الشباب لو أنّ أهلهم يقرأون هذه الرواية؛ وقال آخرون: "أحسسْنا أنكَ كتبتَ الرواية للأهل، لا لنا وحدنا". كما لفت انتباهَ معظم القرّاء كسرُ الصورة النمطيّة للشخصيات، كما حدث مع شخصيّة "البصّيم"؛ ففي حين يصوّر البصّيم في العادة شخصًا عتيقَ الزيّ، ثقيلَ الدم، بشعًا، لا يستحمّ، جاء في روايتي شخصيةً ذكيةً وأنيقةً و"خدومةً" واجتماعيّة.

الحب لم يختلف مع الزمن بل اختلفت طريقةُ التعبير عنه بسبب التطور التكنولوجي

هل هناك تغير جذريّ في نفوس الجيل الحاليّ حيال التعبير عن المشاعر بسبب التطوّر التكنولوجي؟

لا يمكننا تسطيحُ أثر الجانب التكنولوجي؛ ذلك لأنّ وسيلة التعبير عن المشاعر تؤثّر في هذه المشاعر ذاتها، حدّةً وكثافةً. فالحبّ تحديدًا، وهو المغزى الأساس في الرواية، بات يعبَّر عنه بشكل سريع وبصريّ،  وبالحوار، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تخطيتُ بعضَ مسبّقاتي

كلّ جيل يحاكم الجيلَ الذي بعده، تحديدًا على الصعيد الفنّي. فعشّاق محمد عبد الوهّاب كانوا لا يستمعون إلى أغاني عبد الحليم حافظ، واليوم الجيل القديم لا يستمع إلى الأغاني الحديثة التي يحبّها الجيلُ الجديد. هل كسرت هذه الصورة النمطية عن اختلاف الذائقة الفنيّة بين الجيلين؟

الأغاني التي استشهدتُ بمقاطعَ منها في الرواية لم أكن أحبّها في الحقيقة؛ فأنا في العادة أستمعُ إلى الموسيقى "الراقية" كالجاز، بل كنتُ استخفّ بمعظم المغنّين اللبنانيين الذين أوردتُ أغانيهم في الرواية. لكنّ ما حصل أنّني، حين "اضطررتُ" إلى سماعهم من أجل كتابة الرواية، ورأيتُ تفاعلَ الفتيان والفتيات معهم، صرت "أحبّهم" بشكل لاإراديّ ربّما. صرت أودّ أن أعرف ماذا تعني للجيل الجديد نانسي عجرم أو وائل كفوري، على سبيل المثال. كلّ جيل ذو ذائقةٍ خاصّة، ونبضٍ خاصّ، يتجاوبان مع أنواع معيّنة من الأغاني أكثر من غيرها. وأعترفُ أنّه كانت لديّ أحكامٌ مسبّقة و"نخبويّة" حيال كثير من الأغاني الجديدة، ولكنّي تخطّيتُ بعضًا من تلك الأحكام، بل صرتُ أحبّ عددًا من هذه الأغاني وأنتظر سماعَها. واليوم ما زلتُ أستمع إلى ما يصدر من أغانٍ حديثة حتّى بعد نشر الرواية.

لستُ بصدد تعليم اللغة في الرواية

هل واجهتَ أيّ صعوبة في تمرير كلّ هذه الأفكار بلغة عربيّة فصحى بنسبة 99 في المئة؟

التحدّي الأكبر في روايتي هو اللُغة، أيْ دمجُ الحوارات والتعبيرات المحكيّة والأجنبيّة والمعرّبة في صميم الفصحى التي أعملُ عليها منذ ثلاثين عامًا، سواءً عبر عملي على المعجم العربيّ – العربيّ أو عبر ترؤّسي لتحرير مجلة "الآداب". ولقد حاولتُ قدر المستطاع تغليبَ الجانب الأدبيّ في الرواية؛ فلستُ هُنا بصدد "تعليم" اللغة، خلافًا لقصص وروايات عربيّة تتوّسل "الأدب" لتعليم اللغة (ولنثر المواعظ).

ننتقل الآن للحديث عن الكتب الموجّهة خصيصًا للأطفال، واللغة المستخدمة فيها. كيف تعمل على الرواية الموجّهة إليهم؟

أحاول قدر الإمكان أنّ أجسِّر، أيْ أن أقيم جسرًا، ما بين الفصحى والعاميّة والمعرّب واللغات الأجنبيّة. عند الكتابة للأطفال، التحدّي الأكبر هو أنْ يستطيع الكاتبُ إنشاءَ لغةٍ حديثة، لغةٍ أقرب إلى الواقع، لغةٍ لا تُلجِئَ الطفلَ إلى الفرنسيّة أو الإنكليزية كلّ الوقت لكسب المتعة والرشاقة في اللغة. والسؤال الذي يمكن طرحُه في هذا السياق: لماذا يفضّل أولادُنا قراءةَ الروايات بالفرنسيّة أو الانكليزيّة؟ والإجابة، في رأيي، لا تنحصر في مضمون الكتب العربية الموجّهة اليهم فحسب (معظمُها ممِلّ ويحتشدُ بالمواعظ والنصائح)، بل يتعدّى ذلك إلى اللغة الصعبة والمتقعّرة التي كُتبتْ بها هذه الكتب؛ حتى إنّ الطفل صار يُماهي بين مضمون النصّ واللغة نفسها، وصار يعتبر أنّ اللغة العربية نفسَها مملّة!

لذلك أقول: إذا كان ثمن جذب هذا الطفل إلى العربيّة الفصحى "التساهل" والقبول بإدخال بعض الكلمات العاميّة والأجنبية والمعرّبة إلى النصّ الفصيح، فلِمَ لا نفعلُ ذلك؟ الهدف الأسمى والأهمّ في هذه الكتب هو تحبيبُ الطفل بالعربيّة الفصحى. وعليه، فليس خطأً استعمالُ بعض الكلمات الأجنبية مثل هايْ، بايْ، بونجور، بونسوار، ياي، واو...، أو العامية، أو المعرّبة، من أجل إيصال 1500 كلمة عربية فصيحة إلى القارئ الطفل. وهذا خيار سياسيّ بالمعنى العميق للكلمة؛ وأعني: خيار استخدام التكتيك للوصول إلى هدف استراتيجيّ أبعد.

المعجم

ثلاثة عقود تقريبًا من العمل على المعجم العربيّ – العربيّ. هل هذا المشروع يشكّل معاناةً لك أمْ متعة؟

هناك بالتأكيد نوعٌ من المعاناة لأنّ هذا العمل أكاديميّ ولا يخلو من الملل. أمّا المتعة فتأتي من تداعيات هذا العمل، الذي بدأه الدكتور سهيل إدريس (والدكتور صبحي الصالح بشكل جزئيّ). هذا المعجم ساعدني على الكتابة للأطفال، إذ اكتشفتُ مثلًا أنّ العديد من الكلمات التي كنت أعتقد أنّها عاميّة ذاتُ أصل فصيح. مثلًا: كلمة "كمشتك"، كنتُ سأستبدلها بـ "أمسكتُ بك" لولا أنّي وجدتُ مصدرَها الفصيح، وهو "أكمش بناقته: أيْ شدّ ضرعَها ليحلبها". العمل على المعجم، في هذه الحال، جعلني قادرًا على التواصل بشكل أفضل مع واقعي وواقع الأطفال، وكان من تداعيات ذلك العمل الاستمتاعُ في الكتابة لهم.

هل الناس اليوم في حاجة إلى وجود قاموس عربيّ - عربيّ حديث؟

طبعًا. أنا أعتبر أنّ وجود قاموس عربيّ – عربيّ حديث يربط القديمَ بالراهن قد يكون من أهمّ الأمور في النهضة الثقافيّة العربيّة الحديثة. وعلى عكس الاعتقاد السائد، فإنّ اللغة العربيّة قد تقدّمتْ بشكل هائل، ولكنْ ما لم يتقدّم هو "قومستُها"؛ إذ لم يُدرَجْ في معظم القواميس العربيّة "الحديثة" تطوّرُ دلالات الكلمات "القديمة"، مجازيًّا أو ماديًّا، إلى معانٍ حديثة، ولم يُدرَجِ المعرّبُ حديثًا فيها، حتى خُيّل إلى المرء أنّ اللغة العربيّة لم تتطوّر! لذلك فإنّ القاموس الذي أعمل عليه يحاول وصلَ القديم جدًّا بالحديث جدًّا، عبر توثيق هذا التدرُّج اللغويّ أو الدلاليّ، فضلًا عن وضع اقتباساتٍ من الأدب الحديث لتبيان هذا التطوّر.

وهل تستعين على ذلك بمرجعية القواميس الشهيرة، كـ "لسان العرب" و"محيط المحيط"؟

طبعًا. الأساس هو الاعتماد على المعجمات القديمة، وأستعين أيضًا بـ "تاج العروس" وكتب الأمثال والحديث. كما أستعين بدواوين شِعر قديمة وحديثة، وبكتب المسرح، وبكتب علميّة، وبكلّ ما يتوافر لإنجاز هذا العمل.

ما تحاول إنجازَه يدلّ على تفاؤلك بمستقبل اللغة العربيّة!

بصراحة، لا أعتمد على مبدأ التفاؤل في أيّ من مناحي عملي. أنا إنسان تشاؤميّ بطبعي في الحياة، ولكنّي أملك عقيدةً أقوى من التفاؤل، وهي عقيدة الإيمان بقضيّة. وإذا كان غرامشي يقول: "تشاؤمُ العقل... تفاؤلُ الإرادة"؛ فأنا أقول: "تشاؤمُ العقل... عدالةُ القضيّة". فإذا كنت أمتلك إيمانًا بقضيّةٍ ما فإنني أعمل على تحقيقها ولو وحدي. لذلك أعمل على قضيّة تطوير اللغة العربيّة على الرغم من معرفتي المسبّقة بأنّها ستتطلّب عقودًا من الزمن. إنني أؤمن بهذه القضية، كما أؤمن بالنضال من أجل تحقيق العدالة للقضيّة الفلسطينيّة، ولو بقيتُ وحيدًا.

هل تعتبر أنّ ما دفعك إلى التشاؤم هو الحرب على اللغة العربيّة أم تكاسلُ بعض أبنائها؟

أولًا، مشاريع من هذا القبيل تحتاج، إجمالًا، إلى دعم الأنظمة العربيّة؛ لكنْ آخرُ همّ هذه الأنظمة هو أن تخدم عملًا إستراتيجيًّا وكبيرًا، بل تفضّل أن تُبرزَ اسماءَ رؤسائها وملوكها خلال شهور أو أيّام، كرعاية مسرحيّة أو كتاب، لا رعاية مشروع طويل الأمد كمشروع المعجم الذي يتطلّب عقديْن أو أكثر، وفي هذه الفترة قد تنهار الأنظمة أو يحصل انقلاب عليها كما شهد الوطنُ العربيّ في الآونة الأخيرة. لذلك فإنّ كلّ الأنظمة تتغنّى بلغة القرآن الكريم، ولكنّ أحدًا منها لم يٌقم مشروعًا لإحياء اللغة العربيّة وتجديدها. وقد يكون هناك كسل من بعض المثقفين، مع وجود صعوبات ماديّة، لأنّ عملًا كهذا يتطلّب تفرّغًا لعقدين أو ثلاثة عقود لإنجازه كما أسلفنا.

أما إذا تطرّقنا إلى نظريّة المؤامرة على اللغة العربيّة، فنحن مسؤولون عنها في الدرجة الأولى؛ إذ إنّ أيّة مؤامرة، أسياسيّة كانت أم اقتصاديّة أم ثقافيّة، لن تنجح ما لم تسهمْ في تأجيجها أو تكريسها أطرافٌ داخليّة. ومن عناصر المؤامرة الذاتية ذلك العشقُ المبُالَغُ به للغة العربيّة إلى حدّ قتلها (على طريقة "ومن الحبّ ما قتل")، بحيث لا يقبل هؤلاء "العشاق ــ القتلة" بإدخال أيّ كلمة أجنبيّة أو عاميّة أو تغيير أيّ من تراكيباتها.

هل حبُّك للغة العربية ناتج عن وجودك في دار "الآداب"، أمْ كان لديك ردّة فعل على اللغة العربية وأنت في مطلع المراهقة ولاحقًا صرت تعشقها؟

الأساس والدايَ، الدكتور سهيل إدريس والسيّدة عايدة مطرجي، وكلاهما متمكّن في اللغة العربيّة والأدب العربيّ وصاحبُ مشاريع ثقافيّة. ناهيك بتحصيل دراستي في مدرسة "المقاصد" الدينيّة، حيث تعلّمتُ القرآن وختمتُه في صغري، فساعدني ذلك على تنمية قدرات لغتي العربيّة.

ومع الوقت ابتعدتُ عن الاهتمام باللغة، ويمّمتُ جهةَ الاقتصاد. غير أنني اكتشفتُ أنّني لا أحبّ هذا الاختصاص، فارتددتُ إلى هواي الأصلي: الأدب واللغة.

بعد توقّف مجلة "الآداب" عن الإصدار الورقي عقب 60 عامًا من تأسيسها على يد الدكتور سهيل إدريس، أنت بصدد تحويلها إلى مجلة الكترونية، فما هي الخطوات المتبعة لهذا المشروع، ومتى سنبصرها الكترونيًّا؟

نحن في صدد إنتاج مجلة "الآداب" الكترونيًّا، ولكنّنا لن نَحْرم القارئ المحبّ للورق منها، بل سنخصّص عددًا خاصًّا ضخمًا يصدر سنويًّا وفيه أبرزُ المقابلات والحوارات والقصص والقصائد التي نُشرتْ في النسخة الإلكترونية.

ماذا تقول للأجيال القادمة عن تاريخ دار "الآداب"؟

في النهاية، الثقافة لا مهْربَ منها لأيّ نوعٍ من التطوّر، والورق لا مهْربَ منه لأيّ نوع من الثقافة. وإذا كان شبابُ اليوم يعتقدون أنّ باستطاعتهم التغييرَ من دون ثقافة فهم مخطئون ولن يستطيعوا التغييرَ بالمعنى العميق للكلمة، حتى لو قرّروا أن يكونوا محض عملاء للخارج. وإذا كانوا يعتقدون أنّ التحصيل الثقافيّ يأتي فقط من خلال مشاهدة الأفلام السينمائيّة أو المسرحيّات والبرامج التلفزيونيّة أو المعارض التشكيليّة، فهم على خطأ لأنّ ذلك لا يكفي وحده ولا يؤسّس لثقافةٍ راسخةٍ وفعّالة. فلا بديل عن الكلمة المطبوعة، لأنها هي وحدها ما سيعطيهم اساسًا وامتدادًا وعمقًا لما يَحْيونه. لذلك أردّد أنّ مشروع دار "الآداب" كان مشروعًا ثقافيًّا ونهضويًّا بامتياز، وعلى الجيل الشابّ أن يقدّرَه على هذا المستوى. وإنْ كانت لدى الجيل الجديد فكرةُ تأسيس مشروع ثقافيّ، فعليه أن يتّبع بعضَ الخطوات التي بدأها سهيل إدريس منذ 60 عامًا، إذ لا يمْكن أحدًا أن يتقدّم من دون العودة إلى بعض الوسائل "التقليديّة" كالكتابة والنشر وحضور الندوات وإنشاء المجلّات. ومع ذلك فإنه يمْكنهم التجديد في الوسيلة التي من خلالها تُظهَّر هذه الكلمة ــ وهذا ما سنفعله عبر مجلة "الآداب" الإلكترونيّة أو عبر الكتب الإلكترونيّة التي ستصدر أيضًا عن دار "الآداب".

أشرتَ خلال حديثك إلى أنّ جيل اليوم قد يكتفي ببعض المقتطفات من الكتب بدلًا من قراءتها. هل من وسيلة للتشجيع على القراءة؟

التشجيع على القراءة هو عمل صعب، ومن مسؤولية أطراف عدّة: المدرسة بالدرجة الأولى، ثمّ الأهل، ويلي ذلك دُورُ النشر، وأخيرًا الكاتب نفسه. هذا موضوع يطول شرحُه ولكنْ سأختصر. المدرسة تستبعد في العادة الكتبَ الهادفةَ إلى المتعة، لصالح كتبٍ محصورةٍ في "التربية" أو "التعليم" بالمعنى الدقيق للكلمتين. أمّا الأهل فمعظمُهم لا يشجّعون أبناءهم على القراءة إلّا بالكلام. أما الدولة اللبنانيّة فحدّثي ولا حرج؛ فهي لا تشجّعُ إلّا على الرشوة النهب وتسمّيه "فهلوة وشطارة". وأما المؤسّسات الدينيّة فُتشجّع على نمط معيّن من القراءة "الأخلاقويّة".

إذًا هناك حلقات جهنميّة مترابطة بين الأهل والمدرسة والمؤسّسة الدينيّة والمؤسّسة التربويّة؛ حلقاتٌ لا تخْدم مسألة التشجيع على القراءة. ومن ثم يجب إحداثُ ثغرةٍ داخل أيّ حلقة من هذا الحلقات المتصلّبة والفولاذيّة. ويتمّ العمل الأنجح من خلال التعاون مع بعض العناصر التقدميّة داخل كلّ حلقة. أنا، مثلًا، فوجئتُ خلال معرض الكتاب بأنّ كتابي، الذي يتضمّن لغة حديثة مطعّمة بالمعرّب والأجنبيّ والمحكيّ، ويتضمّن حديثًا عن علاقاتٍ بين فتياتٍ وفتيان، قد باع أكثر من 415 نسخة، وتصدّر المرتبةَ الأولى في نسبة مبيعات الرواية العربيّة، وذلك في مدينة صغيرة اسمُها بيروت تعاني خطرَ الانفجارات يمينًا وشمالًا؛ ناهيك ببيع ألف نسخة ربّما من 13 رواية للأطفال والأحداث من تأليفي. والسبب أنّه ما زال هناك بعضُ الأهل التقدّميين يقصدون دارَ "الآداب" ويجلبون أولادهم معهم ويشترون لهم الروايات لحثّهم على القراءة؛ فضلًا عن وجود بعض الأساتذة الذين يطلبون إلى تلامذتهم قراءة كتبي. وهكذا تحدث خروقٌ في الحلقات المذكورة سابقًا، لتصير كتبي من بين الكتب الأكثر تداولًا لدى الجيل الجديد.

سهيل إدريس

في الختام، ما هو أهمّ ما اكتسبتَه من سهيل إدريس؟

الالتزام والاستقلال. كلانا لم "يقبضْ" مسألة "الفنّ للفنّ" بأيّ نوعٍ من الجدّيّة. كلانا على رأس السطح يؤمن بالالتزام وبتحرير فلسطين وببناء الوحدة العربيّة. لكننا أيضًا نؤمن بأنّ على ما نقولُه أن ينبعَ من قرار ذاتيّ، لا من إلزامٍ مفروضٍ علينا من سلطةٍ ما، رسميّةٍ أو حزبيّةٍ أو ماليّة. وهذا هو سبب تفريق رئيف خوري، وهو أحد أعمدة المجلة، بين الالتزام والإلزام.

رباب النعيمي سيدة الاعمال الأماراتية 

         وانتاج مسلسل لبناني 

أعلنت سيدة الأعمال الإماراتية "رباب النعيمي" اليوم عبر موقع التواصل الإجتماعي (Twitter) الخاص بها، عن أول عمل درامي من إنتاج شركتها (Atwi Productions). وأتت التغريدة على الشكل التالي: (يسافر قريباً فريق عملي وتحديداً مدير أعمالي عماد عزالدين إلى بيروت، لقراءة سيناريو مسلسل جديد سيتم إنتاجه عبر شركة (Atwi Production)، بالإضافة الى إنتاج أغنية جديدة لنجم سأفصح عن اسمه في القريب العاجل). في سياق المسلسل، تم التواصل عبر الهاتف بين السيد عماد عزالدين والممثلان "طوني عيسى وسامي ابو حمدان" كخطوة اولى، كونهم يملكون خبرة كبيرة وقديرة في التمثيل الدرامي.يذكر ان فريق العمل سيقوم بلقاءات خلال تواجده في العاصمة اللبنانية بيروت، مع المع وابرز النجوم الموجودة في الساحة التمثيلية للمشاركة في العمل الدرامي الضخم من حيث الإنتاج والفكرة. بالإضافة الي ذلك، تم تصوير كليب جديد للفنان "عبد الجليل" تحت عنوان (بخاطرك) في دولة الإمارات وتحديداً دبي، وكان الأنتاج ايضاً لـ(Atwi Production). على صعيد آخر، تقوم النعيمي في تنفيذ اول برنامج عربي (ترفيهي - إجتماعي) يُعنى ويناقش قضايا المرأة، ويحمل اسم (مع رباب).

bottom of page